ما أجمل أن يشعر الإنسان بالدفء في أبرد أيام الشتاء، وببهجة الربيع في قلب الخريف، وبأنغام رقيقة حالمة وسط صخَب الحياة وضجيجها ومتاعبها وهمومها!!!
ما أحلى أن ترَي نفسك مَلِكة متوَّجة على قلب رجل ، رغم أنك إنسانة عادية في بيتك و بين أقرانك!!!
وما أروع أن تحظَي باهتمامٍ خاص، رغم أنك لا تحصلين على اهتمام ٍ يُذكر بين إخوانك وأهلك وأقاربك!!!
وما أعذب أن تسمعي عن نفسك أحاديثاً شجية ... بينما لا يرى فيك والديكِ سوى عيوبك ونقائصك!!!!
وكم هو مريح أن تظلي تتكلمين وتبوحين ، وهناك مَن يسمعك بكل اهتمام، بينما تسمعك أمك وهي مشغولة بالطهي أو بترتيب البيت أو غيره...هذا إن استمعت إليك أصلاً!!!!
وما أهنأك وأنت تسمعين عبارات الغَزَل في كل شيء فيكِ، بينما لا تسمعي من والديك سوى عبارات اللوم والنقد والتوبيخ!!!!
ولكن مهلاً عزيزتي،أليست الأمور بخواتيمها؟؟؟!!!
لماذا لا تتأملي علاقتك بالحبيب ، بالمقارنة بعلاقتك بوالديك؟؟؟
ولماذا لا تتساءلي: ما هو هدف الحبيب وما هو هدف والديك؟؟؟؟
ومَن مِن الفريقين يتمنى أن تكوني أفضل منه في الدنيا والآخرة؟؟؟!!
سأترك الإجابة لك!!!
والآن هل تسمحين لي أن أحدثك بصراحة؟؟ نعم إن الحب شيء رائع ولكنه-للأسف- يا أخيتي لا يصفو طويلاً، كما أن سعادته مهما دامت... فإنها لا تستمر كثيراً، بل وغالباً ما تنقلب إلى عذاب وآهات وندم وحسرة وخيبة أمل وشعور بالقهر والذل ...سلَمكِ الله وعافاكِ.
والعاقل يا حبيبتي مَن دان نفسه ، وحاسبها قبل فوات الأوان
ولكن هذا لا يعني إطلاقاً أ ن تمنعي نفسك من الحب!!! فهذا ما لا يطيقه الإنسان الطبيعي، لأن الله سبحانه فطره على الحب وخلق له العواطف والأحاسيس... ولو تأمَّلتِ معي الكون لوجدتي أن أساسه الحب !!!!
" فالكواكب لا تفارق مجموعاتها لأنها دوماً في حالة انجذاب، والقمر لا يغادر كوكبه لأنه في حالة ارتباط، هذا فيما عظُم من مخلوقات، أما ما دقَّ منها ، فنرى نواة الذَّرَّة لها حالة من التجاذب تنتظم إلكتروناتها!!!
ولأن الله سبحانه جعل الحب عنوان علاقته بأفضل خلقه وأقربهم إليه – وهو الإنسان - فحين أخبر عن حالهم معه ووصف علاقته بهم، وعلاقتهم به سبحانه(1) قال:" يُحبُّهم ويُحبُّونَه"(سورة المائدة -54)
ليس ذلك فحسب، وإنما جعل الله الحب أساس الإيمان به – جل شأنه – والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين))
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه وسلم:" أنتَ أحبُّ إليَّ من كلِّ شيء إلاَّ من نفسي "فماذا قال له الحبيب المصطفى؟؟؟
قال له: ((لا يا عمر، حتَّى أكون أحبَّ إليك من نفسك))، فلما قال له عمر:" والله أنت الآن أحبُّ إليَّ من نفسي".
فلا تصدقي من يقول لك أن الإسلام يحرمك من حقك الطبيعي فبي الحب، بل تأملي معي أحوال المحبين من النجوم الأزاهر....فهذا "سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي كان يحب زوجته سارة حباً شديداً،حتى أنه عاش معها ثمانين عاماً وهي لا تُنجب،لكنه من أجل حبه لا يريد أن يتزوج غيرها أبداً حتى لا يؤذي مشاعرها ،فلما طلبت منه السيدة سارة أن يتزوج من هاجر وألحَّت عليه اضطر إلى النزول عند رغبتها"!!!!
والآن دعيني أتخيل تساؤلات قد تقفز إلى عقلك الرشيد، واسمحي لي بمحاولة الإجابة عنها:
س-لماذا يُتَّهم الحبُّ إذن ويُدان؟؟؟!!!!
ج-ليس كل أصناف الحب يتَّهم ويدان ،إنما يتهم فقط ذلك النوع الذي ينشأ ويستمر في الظلام!!! ولعلك تعلمين أن كل ما ينشأ في الظلام يختنق ولا ينتهي إلا في ظلام أشد منه !!!!
س-وما المشكلة؟؟!!إنها علاقة خاصة جداً ومن حقي الاحتفاظ بخصوصياتي!!!!!
ج-نعم إنها علاقة خاصة جداً ومن حقك الاحتفاظ بها لنفسك، إن استطعتي ألا تتعدي الحدود.
س-وما هي الحدود؟؟
ج-ألا تتصلي بالحبيب أو تقابليه في غفلة من والديك(أو ولي أمرك )،فهذه خيانة لهما وعقوق في نفس الوقت!!
وألا تتعمدي مقابلته على انفراد بحيث تحدث بينكما خلوة، فيكون الشيطان –والعياذ بالله- هو ثالثكما.
س-وماذا يحدث لو تعديت هذه الحدود؟؟؟!!!
ج- تحدث أضرار عديدة، سلَّمكِ الله وعافاكِ منها .
س- وما هي هذه الأضرار؟؟!!!!
1- تفقدين احترامك لنفسك، وبمرور الوقت ستكرهينها، وما أقساه من شعور!!!
2- تفقدين احترامه لك... ولكنه لن يعلن ذلك بالطبع ، لأنه يؤثِر قربك ويتَّبِع شهواته .
3- تفقدين احترام أهله لك لو حدث أن تزوجتما في المستقبل.
4- يغضب منك الله سبحانه لأنك خالفتِ تعليماته التي بيَّنها لنا من أجل مصلحتنا وليس من أجل التضييق علينا...وغضب الله معناه إما أن يُمهلك إلى حين لعلك تتوبين ،أو يعجِّل لك العقوبة ،أو يتركك لنفسك والشيطان...ثم يحاسبك يوم القيامة!!!!
5- تبدأ حياتك في أن تأخذ شكلاً جديدا يغلب عليه التوتر والقلق والترقُّب والخوف من أن يُكتشف أمرك،والخوف من أن يغرِّر بك الحبيب أو يوقع الشيطان بينكما ما لا تُحمد عقباه...ونتيجة لذلك تبدأين بتفضيل العُزلة والبعد عن أقرب الناس إليكِ حتى والديكِ.
6- تكونين قد بدأتِ في حكاية أشبه بلعبة التزحلق للأطفال، من بدأها كان من الصعب عليه أن يقف قبل أن ينهيها.
7- تصبح سُمعتك في خطر،لأن الكثير من الشباب يتفاخرون بعلاقاتهم العاطفية أمام أقرانهم...وهل تحتمل فتاة فاضلة مثلك أن تعيش بسمعة سيئة؟؟!!!
8- قد يكون حبك كله مخاطرة لأن غرض الحبيب منك قد لا يكون هو الحب والعواطف كما هو غرضك،وإنما قضاء شهوة مُلحة أو مجرد التسلية،أو الانتقام لنفسه من حبيبة سابقة فعلَت به ما فعلت!!!!
وإذا كان لا يرضى أن يحدث هذا مع أخته أو أمه ، فلماذا يرضاه لك؟؟!!!وكيف ترضينه أنت لنفسك؟؟!!!
9- إن لم يفعل معك الفاحشة، فإن احتمال زواجه منك في المستقبل ضعيف للغاية!
لماذا؟
لأنه سيفكر كثيراً في خيانتك لثقة والديك، وكذبك عليهم كي تقابليه، ولن ينسى خلوتك به دون علمهم... ومن ثم فإنه سيفقد ثقته بك ولن يصدقك أبداً ؛ حتى لو تزوجتما ، فإن الحياة ا لوردية التي كنت تحلمين بها ستنقلب إلى جحيم من الشك والغيرة والمشكلات التي لا تنتهي؛ ولكِ أن تراجعي نسب الطلاق بين من تزوجا بعد علاقة حب خفي قبل الزواج!!!
وسأذكر لك منها إحصائية أجريت في جامعة القاهرة، كان مفادها أن 88% من هذه الزيجات ينتهي بالإخفاق (7)
س- وكيف السبيل إلى النجاة ؟؟!!!
السبيل هو أن توقفي الخطر منذ بدايته.
فكما قال شوقي: نظرةٌ فابتسامٌ فكلامٌ فموعدٌ فلِقاء
لذلك فلنغير انفسنا ولنترك الحب يعيش بسلام ولنلق اللوم على نفسنا قبل القاءه على الحب....