إلى من تقاسمت معها الأحزان والذكريات والأيام المُعتقة بالبراءة .. من تشاركت معها اللقمة والماء والدرب والخطوات .. من خفت عليها من جنونها وطفولتها وبراءتها اللامعقولة .. من دعوت ربي أن يحميها ويرعاها ويهديها .
سيدتي الصغيرة :
تعرفين من أنت .. وتعرفين من أنا .. وإن غابت عنك الحقائق وتاهت عنك الأيام الجميلة التي قضيناها معاً في دروب الزمان .. وتقزّمت مساحات الذكرى وتضاءلت فرصة الاستقطاب في مجال الاحتكاك .. يكفي أن تقفي للحظة وتغمضي عينيك .. وتسألي نفسك : هل أنا كما وصفتني ؟ هل الإنسان ا لتي قضيت معه تلك الأيام واللحظات تستحق منك كل هذا البوح المتعب الموشى بالعتاب ؟ هل العمر الجميل بذكرياته الحلوة والمُرة يستحق أن تثقليه وتثقليني هكذا ؟
ترى لماذا لا نبدع في خلق الأعذار لمن نحب بدل أن نترك لبنات أفكارنا الإبداع والتفنن في بناء جدارٍ لبِناته من الألم والأسى والافتقاد .. جدارٍ من الصعب هدمه وإن حدث وهدمناه فخسائر الروح كثيرة واحتمالات الرجوع قد تكون مستحيلة .. وحدها الصداقة تستطيع أن تنبت الأزهار على جوانب الجدار .. أو أن تتسلل بكل رقة إلى الجانب الآخر لتصل إلى القلب حيث يسكن الصديق .. من أحببناه لذاته .. لطيب قلبه .. وروعة حضوره .. عشقنا ضحكته .. صوته وصمته .. كما أحببتكِ وعشقت عقلانيتكِ وجنونك ِ..
صغيرة العمر .. كبيرة القلب .. أعتذر لك لأني برغم آلامك آلمتك ومضيت في الدنيا كعابر سبيل .. غافل بغير قصدٍ عنك .. برغم قسوة غيابي آلمتك .. أعتذر يا اسماً عذباً وروحاً أعذب طالما أحببتها .. أعتذر عن أمرٍ لم ولن أقصده .. فأتمنى أن تقرئي بوحي المتواضع بعين الرضا وتسألي نفسك هل أستحق كل ما كتبتِ ؟ وأن تعودي بذاكرتك إلى هذا البوح : .. ولكن بعدما لم يبق مجال للاحتكاك وإن كان .. ما كانت هناك فرصة للاستقطاب ذلك لأنكِ أفرغت شحناتك في ماذا لا أعلم .. ولكني أعلم أن الهم هو الجزء الأعظم منه وهذه نصيحة منااخوكي لصغر .. إن الإنسان لا يترك نفسه في مهب الريح تأتي به يميناً وشمالاً كيفما تشاء .. صحيح أن الغلبة للأقوى ولكن الإنسان عليه أن يتكيّف مع هذه الدنيا إلا أنكِ لم تظهري في عيني إلا بقوة نملة صغيرة .. وكلانا يدرك أن ليس له من حول ولا قوة .
أتمنى أن تعودي إلى كل شيء قبل أن تكتبي أي شيء وتأكدي لو أني كنت مكانك لخفت على قلبك من الكلمات المُرة التي آلمتني فكتبتها في لحظة لا يعلمها أحد سواي ..لفكرت في مشاعري الغاضبة التي لابد أن تهدأ .. لفكرت في مشاعرك حين تصلك معاني حروفي .. لأعدت النظر في المرة .. ألف مرة .. لمنعني منظر عينيك وهما تغرقان في الدموع ومسمع الآهة في صوتك وأنت تُبادرين بالحديث .. ولمنعتني أمور أهمها أن قلباً احتواني وكان معي في أفراحي وأحزاني .. قلب أجرحه بنيةٍ أو بدونها وهو لا يستحق الجراح .
يا غضة العود مازلت كما أنا .. كل ما حدث ويحدث هو أن الزمان والمكان لم يعد يجمعان بيننا .. كل الذكريات مازالت وستبقى في خزائن الذاكرة .. المواقف واللحظات ما زلت أقتات عليها فأنا وطيفك ما نزال على وفاق .. لن أنساك .. سأذكرك دائماً وإن لم تعد كلمة الذكرى تهمك أو تعنيك فهي تعنيني لأنها تأتي معك وتأتين معها .
فقط أتمنى حين ألقاك أن تدعي كل الآلام والأحزان والمرارات والعواصف في ركن بعيد .. وتصافحيني كما مضى .. تعانقيني لتتأكدي أن قلبي الأخضر لا يعرف القسوة والحقد وإن حدث وتألم زاده الحزن رقةٍ وشفافيةٍ .. لذا ترفقي به وبي .. يا سيدتي الصغيرة .
المقيمة على الود
نهاد ابن روم شهد العسل